أخبار

المحروقات… الأزمة التي تخلف الكوارث في مناطق حكومة دمشق

أدت أزمة نقص المحروقات في مناطق حكومة دمشق والتي سببها الأول هو الحكومة إلى انتشار حالات يمكن وصفها بالكوارث لتتعدد وتشمل غلاء المعيشة وظهور حالات تحرش داخل وسائل النقل العامة، إلى جانب فقدان العديد من الأشخاص لحياتهم فقط لأنهم أرادوا التنقل من منطقة إلى أخرى.

خلفت أزمة المحروقات التي تطال مناطق حكومة دمشق كوارث اجتماعية وصلت إلى حد انتشار التحرش وتعريض حياة المواطنين للخطر.

مع اقتراب فصل الشتاء ارتفعت أسعار المحروقات الأساسية كالديزل والبنزين إلى جانب الغاز المنزلي، حيث وصل سعر اللتر الواحد من مادة الديزل التي تستخدم كوقود للميكرو باصات ومادة للتدفئة إلى حدود 5500 ليرة سورية بسعر 1210000 ليرة للبرميل، أما البنزين فوصل سعره في السوق السوداء إلى 8000 ليرة للتر الواحد ما أثر سلباً على أسعار المواصلات بالرغم من محاولات الحكومة وضع سقف لأسعار أجرة التكاسي.

وبالحديث عن المحروقات لا بد من ذكر الغاز المنزلي الذي وصل سعره في السوق السوداء إلى نحو 75 ألف ليرة سورية للأسطوانة الواحدة.

 يقول جهاد (47 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد المواطنين الذين يعيشون في مدينة حلب بمناطق سيطرة حكومة دمشق، وأب لستة أطفال ويعمل سائقاً على إحدى الميكروباصات (سرفيس) على أحد الخطوط العامة بمدينة حلب، في هذا الصدد  أن كل رسالة وأخرى حتى تأتيه على “البطاقة الذكية” لجلب جرة مدعومة السعر من قبل الحكومة والتي يبلغ سعرها حالياً حوالي 10 آلاف ليرة سورية يضطر الأخير إلى شراء جرة من السوق السوداء لعدم اكتفاء أسرته المكونة من أب وأم و6 أولاد بجرة واحدة على مدار 90 يوماً لحين وصول رسالة أخرى من “البطاقة الذكية”، ما يشكل عبئاً إضافياً على العوائل التي تعيش في مناطق الحكومة.

قرارات وتسعيرات لا تناسب الواقع

يشير جهاد خلال حديثه مع وكالتنا إلى أنه بات في الكثير من الأحيان لا يدرك ما يحدث حوله نتيجة ضغوط الحياة المعيشية التي تمر عليه، قائلاً” إن التسعيرة التي حددت من الحكومة بـ 150 ليرة للراكب لا تناسب الواقع الذي نعيشه فمثلاً إن حصل عطل صغير بالمحرك يلزمني الملايين لإصلاحه لأن القطع غير متوفرة”، مضيفا ” يا يرفعوا التسعيرة يا يخفضوا الأسعار”.

وارتفعت أسعار قطع السيارات بشكل رهيب بعد فرض قانون قيصر على سوريا ما تسبب في نقص العديد من قطع تبديل السيارات واستغلال التجار لهذا الشيء عبر رفع أسعارها وخلق أزمة حقيقية بهذا الصدد مع مشاركة الحكومة في هذه الأزمة عبر اقتسامها الأرباح مع التجار عبر قانون الضرائب، الذي يطبق على بعض الشرائح ويظل حبراً على ورق عند أخرى التي تتمتع بنفوذ في مناطق حكومة دمشق.

وتعمل حكومة دمشق بعد انفلات أمور تحديد تسعيرة التاكسي العمومية إلى دعم قطاع النقل الداخلي الذي يعمل بالديزل إذ يتم توزيع 15 لتراً من مادة الديزل بسعر 1500 ليرة سورية لكل ميكرو باص وتحديد التسعيرة بـ 150 ليرة لتصبح وجهة أغلب الأهالي مع ارتفاع أسعار سيارات الأجرة، وليلجأ أصحاب هذه الوسائل إلى تحميل عرباتهم فوق طاقتها كطريقة لزيادة دخلهم مع الأوضاع المعيشية الصعبة.

اللجوء إلى وسائل النقل العامة

إن الازدحام الذي تشهده مواصلات النقل الداخلي التي تعمل بالديزل هو نتاج انخفاض أسعارها بالمقارنة مع وسائل النقل الأخرى وبهذا الصدد تشير المواطنة بثينة (32 عاماً)”اسم مستعار” وهي إحدى موظفات القصر العدلي بحلب والواقع في حي الزهراء إلى أنها إن أرادت يومياً الذهاب إلى عملها عبر وسائل النقل الخاصة من تاكسي أجرة وغيرها فيلزمها على الأقل 20 ألف ليرة يومياً، وهو شيء غير معقول بالمقارنة مع راتبها.

ويبلغ متوسط أجور العاملين في المؤسسات الرسمية التابعة لمناطق حكومة دمشق حوالي 146000 ليرة سورية، ما يعادل حوالي 30 دولاراً أمريكياً.

فيما تنوه بثينة إلى أن وسائل النقل العامة باتت مكتظة بشكل رهيب إلى درجة الانفجار على حد وصفها، فباص النقل الداخلي يوجد فيه حوالي 35 مقعداً، إلا أنه في سوريا يتم تحميله بأكثر من 100 شخص، والميكرو باصات رغم صغر مساحتها يتم تحميلها فوق طاقتها الاستيعابية فمثلاً (السرفيس) يتسع لـ 11 راكباً، إلا أنه يتم وضع حوالي 15 وأحياناً 17 راكباً يتعلقون بالباب الذي يبقى مفتوحاً ما يشكل خطراً على حياة الركاب والسائق معاً.

إن أردت التنقل فحياتك على المحك

حيث أن هذا الازدحام الشديد يولد حوادث تصل إلى درجة القتل نتيجة سقوط أو تدافع أو حتى انتقال المرض، من كورونا أو الكوليرا نتيجة التصاق الركاب ببعضهم البعض.

هذا الخطر ظهر على أرض الواقع في كثير من حوادث الدهس التي تعرض لها مواطنون نتيجة سقوطهم من وسائل النقل التي يتم فيها تكديس الأشخاص فوق بعضهم البعض، والتي كان آخرها منذ عدة أيام راح ضحيتها الشاب مروان فارس جزماتي الذي توفي إثر سقوطه من الميكرو باص في حي الفرقان بمدينة حلب قبل عدة أيام.

بدورها، تؤكد بثينة أن الكلمات تعجز عن وصف ما يحدث في وسائل النقل العامة وازدحامها وقالت إن “الوضع أصبح مخيفاً بعد تكرار حالات الدعس والموت دون وضع الجهات المعنية أي حلول”.

وسائل النقل أصبحت وجهة للمتحرشين

تقول دلال (27 عاماً) وهي مواطنة تسكن في أحد أحياء مدينة حلب إنها باتت لا تذهب إلى سوق باب جنين وهو أحد الأسواق الشعبية الكبيرة والذي يمتاز بانخفاض أسعار الخضروات فيه بالمقارنة مع الأسواق الأخرى، بسبب المواصلات واكتظاظها واستغلال ذلك “من بعض عديمي الأخلاق” الذين وصفتهم بالمريضين.

وتردف دلال في حديثها بالإشارة إلى أن وسائل النقل الداخلي المكتظة أصبحت وجهة “للمرضى النفسيين الذين يجدون في التحرش متعة ويستغلون هذا الاكتظاظ للتقرب من النساء”.

وتناقلت العديد من الصفحات النشطة في مناطق حكومة دمشق على وسائل التواصل الافتراضي اقتراحات ورؤى للحد من ظاهرة التحرش في وسائل النقل العامة، كتخصيص الباب الخلفي من الباص للنساء والأمامي للرجال إلى جانب تقسيم الباص بحيث لا يصبح مختلطاً للحد من هذه الظاهرة.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى