أخبار

تركيا ومصر.. لا تطبيع في الأمد القريب وموعد المصالحة مجهول

تصرح تركيا بين الحين والآخر بأنها تسعى إلى التقارب والتصالح مع مصر، إلا أنها لم تنفذ الشرط المصري الأهم لحصول هذه المصالحة، إذ عدت مصر انسحاب المرتزقة السوريين من ليبيا شرطاً أساسياً للتقارب مع تركيا منذ بدء اللقاءات بين الطرفين، وفي هذا السياق أكد باحث مصري أن الملف الليبي هو من يعرقل المصالحة بين الطرفين.

يعتقد رجب طيب أردوغان أن تنازله الظاهري عن دعم الإخوان المسلمين وإسكاته للأبواق الإخوانية في تركيا والتي تهاجم مصر، يمكن أن يرضي الأخيرة وأن تتم المصالحة معها، إلا أن هناك الكثير من الملفات الشائكة التي تحول دون حصولها وعلى رأسها الملف الليبي إلى جانب تدخلات تركيا في الدول العربية.

وعلى وقع الأزمات التي يعيشها النظام التركي نتيجة تدخلاته الخارجية وارتدادات ذلك على وضعه الاقتصادي، بدأ هذا النظام منذ العام الماضي بالتحرك للتقارب مع مصر، وعقد الطرفان جولات من المحادثات الاستكشافية، في أنقرة والقاهرة، لم تسفر عن الوصول إلى تطبيع كامل للعلاقات.

وتعاملت مصر مع هذا الملف بحذر شديد وأعلنت شروطها بشكل واضح، شملت ملفات خلافية على المستوى الإقليمي، منها ملفي ليبيا ومياه الشرق المتوسط إلى جانب ما يتعلق بوقف الدعم التركي للإخوان المسلمين ومنع منصاتهم الإعلامية المعادية، وتسليم المطلوبين من القيادات لدى الجهات القضائية المصرية.

وعقب تلك الجولات، أمرت تركيا الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان المسلمين بوقف مهاجمتها لمصر والمسؤولين المصريين في محاولة منها لتهدئة الوضع بغية التقارب.

إلا أن نقاط الخلاف بين تركيا ومصر ليست فقط ملف الإخوان المسلمين، إذ تعد الأزمة الليبية والتدخل التركي فيها من أكبر المعوقات للتقارب والمصالحة، بالإضافة إلى الاحتلال التركي لأجزاء من سوريا والعراق.

عودة إلى الوراء

وانتقد وزير الخارجية المصري، سامح شكري في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي التواجد العسكري التركي في ليبيا وسوريا والعراق.

وقال شكري خلال جلسة حوارية نظمها مركز “ويلسون” البحثي في الولايات المتحدة، إن مصر لا ترى سبباً ولا مبرراً يدفع تركيا للوجود عسكرياً في تلك الدول (ليبيا وسوريا والعراق).

وأعرب عن قلق بلاده إزاء سياسات أنقرة التوسعية التي ظهرت خلال الأعوام العشرة الماضية.

ويرى مراقبون أن هذه التصريحات هي عودة بالعلاقات التركية المصرية إلى الوراء، إذ جاءت تصريحات شكري عقب الجولات الاستكشافية.

تركيا تحاول التقرب مجدداً من مصر

وعقب الجولات الاستكشافية شهدت العلاقات التركية المصرية حالة من الفتور والجمود بعد محاولات تركية كثيرة للتطبيع.

وتسعى تركيا إلى تطبيع علاقاتها التي انقطعت منذ عام 2013 مع مصر. وخلال الفترة الأخيرة من العام الماضي طفت تصريحات الرئيس التركي على الساحة إذ صرح بأن تركيا ستتخذ خطوات للتقارب مع مصر وإسرائيل، على غرار الخطوات المتخذة مع الإمارات.  كما قال وزير خارجية حكومته، مولود تشاووش أوغلو، أن هناك صفحة جديدة في العلاقات مع مصر.

لا تنازلات تركية جوهرية

وحول إمكانية حدوث التقارب بين مصر وتركيا قال محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: “فيما يخص ملف المصالحة المنتظرة بين القاهرة وأنقرة، فإنه لا يبدو حتى الآن وجود تنازلات تركية جوهرية وخاصة في الملف الليبي رغم وجود مطالبات ليست مصرية فقط، وإنما هناك قوى دولية وعلى رأسها أوروبا وبالتحديد فرنسا تطالب بانسحاب تركيا من المشهد الليبي وسحب مرتزقتها”.

وأوضح حامد في تصريح خاص لوكالتنا أنه لا يبدو حتى الآن وجود أي انفراجة في العلاقات المصرية – التركية، رغم التصريحات الودية من قبل الطرفين، وقال: “لكن يبدو أن الملف صعب ومتعثر ويعرقل عودة العلاقات المصرية التركية إلى قوتها”.

التمسك بالملف الليبي يعرقل المصالحة

وكانت مصر طالبت تركيا بسحب مرتزقتها السوريين من ليبيا، إذ تعتبر الأولى أن المرتزقة أكبر تهديد لأمنها القومي، ووضعت ملف سحب المرتزقة شرطاً أساسياً لتطبيع العلاقات خلال المباحثات التي جرت خلال شهري أيار وأيلول الماضيين.

وبحسب متابعين، فالتعنت التركي في هذا الملف هو ما يعرقل العلاقات للتقدم نحو الأمام، ويؤكدون أن مصر لن تتنازل عن سحب تركيا للمرتزقة، نظراً لأن وجودهم يمثل تهديداً صريحاً للأمن القومي المصري.

وأشار مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى “أن هناك اتفاق على إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا، ولكن لا يوجد أي اتفاق بين القاهرة وأنقرة في الملف الليبي، في ظل تمسك تركيا بإبقاء المرتزقة على حالهم منذ أن نشروا في يناير 2020”.

وأكد أن هذا الأمر يضر بالعلاقات المصرية التركية ويعرقل تطويرها، بالإضافة إلى تمسك تركيا باتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي تم توقيعه بين أردوغان والسراج نهاية عام 2019، لافتاً إلى أن كل هذه الاتفاقات مرفوضة من قبل القانون الدولي ومصر.

ووقعت تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية بقيادة فائز السراج اتفاقية الحدود البحرية في نوفمبر 2019 لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة في البحر الأبيض المتوسط.

قيد النقاش

وشهد العام الماضي جولات استكشافية بين مصر وتركيا لاتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات بين البلدين، إلا أنها لم تعط أية نتائج تذكر.

وفي هذا السياق، أكد حامد أن كل المحادثات المصرية التركية مازالت قيد النقاش، والعلاقات بين القاهرة وأنقرة مازالت في طور التطوير ولم ترتقِ إلى التطبيع الكامل بسبب وجود معرقلات ومعوقات “ولكنها على الطريق”.

وأوضح مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية “أن هناك رغبة في تقريب وجهات النظر بين البلدين، ولا يوجد أي بادرة جوهرية تجعلنا نتوقع حدوث تقارب كبير بين البلدين خلال الفترة المقبلة، وبالتالي يبقى موعد حدوث المصالحة مجهولاً”.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى