أخبار

​​​​​​​المناطق المحتلة تنتفض ضد الاحتلال التركي.. هل هي شرارة الثورة؟

تستمر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته بحق الأهالي في المناطق السورية المحتلة، الأمر الذي أدى إلى غليان شعبي في هذه المناطق, فهل تتحول إلى ثورة شعبية تطرد الاحتلال؟

وتغيّر تركياـ منذ احتلالها لأجزاء من سوريا اعتباراً من عام 2016 ديموغرافية المناطق التي احتلتها عبر هجمات عدوانية على سكان المنطقة هادفة إلى تهجيرهم، وسط صمت دولي مخزٍ على الرغم من الإحصائيات والتقارير التي صدرت عن العديد من المؤسسات الحقوقية العالمية التي تفضح السياسات والأهداف التركية وتكشف حقيقة جرائمها.

المناطق المحتلة.. تهجير بقوة السلاح وتوطين أسر المرتزقة

جرابلس وإعزاز والباب هُجّر منها الآلاف من المدنيين وخاصة أبناء الشعب الكردي ومن العرب الذين يخالفون السياسة التركية، حيث أكد مجلس مقاطعة الشهباء أن تركيا احتلت أكثر من 230 قرية، ودمرت أكثر من 52 قرية بشكل كامل في جرابلس والراعي والباب وهجّرت سكانها.

مدينة الزيتون “عفرين” التي احتلتها تركيا ومرتزقتها في 18 آذار/مارس 2018، شهدت جرائم حرب ارتكبها مرتزقة مدعومون من تركيا, فإلى جانب حالات القتل والدمار الشامل للمنطقة, هُجّر أكثر من 300 ألف مدني بقوة السلاح والتعذيب، ليستوطن فيها آلاف من أسر المرتزقة المُهجّرين من الغوطة، حمص، حلب، حماة وإدلب، إلى جانب 500 أسرة فلسطينية، وذلك بحسب منظمة حقوق الإنسان – عفرين.

مدينتا سريه كانيه وكري سبي/تل أبيض أيضاً كان لهما نصيب من الجرائم التركية بعد احتلالها في تشرين الأول 2019، فقد هُجّر منهما أكثر من 250 ألف مدني، ولم تختلف هاتان المدينتان عن عفرين، حيث وطّن الاحتلال التركي أكثر من 2500 أسرة في مدينة سريه كانيه، وأكثر من 1500 أسرة في مدينة كري سبي.

اغتصاب وخطف وقتل.. هذا حال المرأة في المناطق المحتلة

ويرتكب الاحتلال التركي ومرتزقته جرائم بحق المرأة في المناطق المحتلة (جرابلس، إعزاز، الباب، عفرين، كري سبي وسريه كانيه)، إذ تعرّضت أكثر من 1564 امرأة لمختلف أنواع العنف، من قتل وخطف واغتصاب وعنف جسدي، وذلك بحسب منظمة حقوق الإنسان في شمال وشرق سوريا، وكانت الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف إحدى ضحايا جرائم مرتزقة تركيا خلال عدوانها على كري سبي في تشرين الأول 2019.

مرتزقة سوريون لتطبيق المشروع العثماني في ليبيا

ولم تكتفِ تركيا بتغيير ديمغرافية المناطق المحتلة وارتكاب جرائم حرب فيها، بل لجأت لاستخدام السوريين في حروبها لتطبيق مشروعها العثماني، فإلى جانب استخدام اللاجئين السوريين كورقة ضغط على المجتمع الدولي، أرسلت تركيا الآلاف من المرتزقة السوريين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق لتحقيق الأطماع العثمانية في مصادر الطاقة في هذا البلد الغني بها.

وبحسب تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان في الثاني من حزيران الجاري، فإن تركيا أرسلت حتى الآن 11600 مرتزق إلى ليبيا، من بينهم أكثر من 200 طفل، قُتل منهم حتى الآن 356 خلال الاشتباكات مع قوات الجيش الوطني الليبي.

غليان في المناطق المحتلة .. تظاهرات تطالب بخروج الاحتلال التركي

الجرائم التركية أدت إلى حالة استياء وغليان داخلي في المناطق المحتلة، وخرجت عشرات المظاهرات في تلك المناطق، وكانت آخرها في 5 من حزيران الجاري في مدينة كري سبي.

ووثقت وكالتنا عبر مقاطع الفيديو والصور، هجوم الأهالي على مدرعات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال التركي عند معبر كري سبي الحدودي، ورشقها بالحجارة، وسط ترديد شعارات تطالب بخروج الاحتلال التركي من كري سبي “سوريا حرة حرة تركيا تطلع برا” بالإضافة إلى ترديدهم لمطلبهم إطلاق سراح المختطفين.

‘مناطق محتلة تُدار عسكرياً’

الأكاديمي والباحث السياسي السوري الدكتور إبراهيم مسلم تحدث عن الجرائم التركية وقال “من الناحية السياسية تعدّ هذه المناطق محتلة وغير مستقرة سياسياً، كونها تدار عسكرياً، والمجالس التي تشكلت في تلك المناطق أثبت فشلها في إدارة المنطقة، والمظاهرات التي خرجت مؤخراً في كري سبي مطالبة بخروج المحتل التركي خير مثال، وكذلك المظاهرات المنددة بالاحتلال التي تشهدها إدلب بين الحين والآخر”.

‘مناطق جرائم حرب’

وأكد مسلم أن غالبية التقارير الصادرة من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية تعدّ مناطق الاحتلال “مناطق الانتهاكات وجرائم حرب” سواء المرتكبة من قبل جنود الاحتلال التركي أو من قبل “الفصائل الجهادية” المحسوبة عليها.

وأوضح الأكاديمي والباحث السياسي السوري، إن تلك المناطق تعاني الكثير من المشاكل وهناك تفاوت في مستوى المعيشة بين الموالين لتركيا وبقية شرائح المجتمع لقيام المجموعات المرتزقة بنهب ممتلكات الأهالي وحرق محاصيلهم….

أردوغان يستخدم السوريين في شتى المجالات

وبيّن مسلم أن أردوغان يستخدم ورقة السوريين في شتى المجالات، فتارة يستخدمهم كورقة للضغط على أوروبا من خلال فتح الحدود، وتارة يستخدمهم كواجهة سياسية للتدخل من خلالهم في سوريا ليكون جزءاً من الأزمة السورية، والآن يستخدمهم كمرتزقة في حربه في ليبيا ودول أخرى، وأضاف “ما يحدث اليوم يذكرنا بحملات «سفربرلك» عندما كانت تقوم بسوق أبناء سوريا ودول أخرى لزجهم في حروب الخلافة العثمانية، والآن التاريخ يعيد نفسه”.

أتباع أردوغان يسيئون للسوريين وعلاقتهم بأشقائهم العرب

ولفت الأكاديمي والباحث السياسي السورية أن ما تقوم به تركيا سوف يؤثر مستقبلاً في علاقة السوريين بأشقائهم العرب في ليبيا واليمن والبلدان الأخرى، وخاصة أن ما تسمى “المعارضة” المدعومة من أردوغان تؤيد هذا التوجه “وكأن معركتها ليست ضد النظام السوري وإنما ضد دول تعدّها تركيا معادية لها”، معتبراً أن هذا الأمر أساء إلى السوريين وسمعتهم بين المجتمعات، وخاصة مع تداول فيديوهات السلب والنهب في بعض المدن الليبية.

‘الأهالي أدركوا خطورة الاحتلال وتمزيقه للنسيج السوري’

وحول التظاهرات التي تخرج ضد الاحتلال التركي في المناطق المحتلة قال الدكتور إبراهيم مسلم “نعم أهالي تلك المناطق أدركوا خطورة الاحتلال وأبعاده في تمزيق النسيج السوري، لأن المنطقة كانت تعيش حالة استقرار وتعايش مشترك منذ حزيران 2015 بعد أن تم تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، الأهالي شاهدوا بأعينهم انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته، ويأتي موضوع إرسال أبناء المنطقة إلى ليبيا ليزيد كره الأهالي للاحتلال، الأمر الذي جعلهم ينتفضون ضد الاحتلال ومرتزقته والمجلس المعين من قبله”.

‘الحكومة السورية شريكة تركيا’

وتطرق مسلم إلى صمت الحكومة السورية حيال الجرائم التركية في المناطق المحتلة وقال “الحكومة السورية حكومة هشة، وهي شريكة في تسليم بعض المناطق إلى الاحتلال التركي وأقصد هنا عفرين، ومن مصلحتها إضعاف قوات سوريا الديمقراطية وإفشال تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والاحتلال التركي ربما يحقق لها هذا المطلب”.

على الدول العربية أن تكون أكثر فاعلية ضد الاحتلال

ولفت مسلم خلال حديثه أن غالبية الدول العربية تدعم قوات سوريا الديمقراطية ولو معنوياً، ولكن هناك بعض الحكومات العربية وخاصة الحكومات “الإخوانية” تقف مع الاحتلال التركي وتدعمه، وأضاف “من الضروري أن تقوم الدول العربية كمصر والسعودية والامارات والأردن بدور أكثر فاعلية ضد الاحتلال التركي، كون هذا الاحتلال لا يستهدف فقط الشمال السوري وإنما البلدان العربية أيضاً، وليبيا واليمن خير مثال”.

وفي نهاية حديثه، لفت الأكاديمي والباحث السياسي السوري الدكتور إبراهيم مسلم، الانتباه إلى دور الإعلام في فضح الجرائم التركية وقال “هناك بعض التقصير من الإعلام العربي والعالمي في فضح ممارسات وانتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته في سوريا، وربما جائحة كورونا أحد الأسباب، كونها كانت محل اهتمام وسائل الإعلام العربية، لكن بالمقابل هناك عدد من القنوات الخليجية والمصرية واللبنانية، وأيضاً الصحافة العربية والدولية لعبت دوراً ليس بقليل في فضح انتهاكات وممارسات الاحتلال التركي ومرتزقته”.

المصدر: وكالة أنباء هاوار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى