أخبار

كيف ساهمت تركيا في ارتكاب مجزرة كوباني على يد داعش؟

لمجزرة كوباني أهداف وأبعاد سياسية تقف وراءها تركيا بشكل مباشر، بناءً على حديث بعض شهود المجزرة واعترافات مرتزقة شاركوا فيها، والسؤال هنا؛ كيف ساهمت تركيا بارتكاب مجزرة كوباني على يد داعش؟

لطالما حاولت تركيا بشتى الوسائل النيل من إرادة ومقاومة أبناء المنطقة عبر دعم تنظيمات متطرفة ومرتزقة مثل داعش والنصرة وما يسمى بـ”الجيش الحر” وتحريكها ضد مناطق الإدارة الذاتية، والأمثلة حول ذلك كثيرة.

لكن ربما تكون مجزرة كوباني وقرية برخ باتان، أحد أكثر الأحداث دموية على الجغرافية السورية، ففي الـ25 من حزيران عام 2015 تسلل العشرات من عناصر مرتزقة داعش إلى قرية برخ باتان ومدينة كوباني وارتكبوا بحق المدنيين مجزرة مروعة راح ضحيتها 233 مدنياً منهم 27 مدنياً من أهالي قرية برخ باتان.

أصابع الاتهام وجهت آنذاك إلى تركيا، خصوصاً أن هنالك من شاهد عناصر من داعش يتسللون عبر الأراضي التركية إلى مدينة كوباني لقتل المدنيين، كما أن المعلومات وردت عن أن تركيا كان لها علم مسبق بنوايا داعش بارتكاب المجزرة، ما يطرح الكثير من التساؤلات عن طبيعة الدور التركي في ارتكاب تلك العملية الدامية.

لِمَ كوباني؟

كوباني المدينة الكردية السورية الواقعة شمال وشرق سوريا على الحدود السورية التركية، تقع على بعد 30 كيلومتراً شرق نهر الفرات وحوالي 150 كيلومتراً شمال شرق حلب.

تحررت كوباني من قوات الحكومة السورية في الـ19 من تموز/يوليو عام 2012، لتكون أولى المدن الكردية التي تتحرر من سيطرة الحكومة.

أسس أهالي كوباني إدارة ذاتية وقوات عسكرية خاصة بهم، أسوة بمناطق عفرين والجزيرة، لكن ذلك لم يرق لأطراف إقليمية ومحلية، مثل تركيا وأذرعها على الجغرافية السورية، فبدأت جهات عدة تتربص بالإدارة الذاتية التي جرى الإعلان عنها في الجزيرة وكوباني وعفرين خلال شهر كانون الثاني/يناير عام 2014.

بدءاً بما يسمى “الجيش الحر”، ومروراً بجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً)، وصولاً إلى داعش، هاجمت أطراف عدة مدينة كوباني، لكن المعركة المفصلية كانت مع داعش الذي شن هجوماً واسعاً على كوباني وقراها في الـ15/16 من أيلول عام 2014، وسرعان ما سيطروا على معظم القرى وأكثر من نصف مساحة المدينة، إلا أن وحدات حماية الشعب والمرأة دافعت عن المدينة وحررتها بعد 134 يوماً من المعارك المتواصلة، ليتم طرد داعش من المدينة رسمياً يوم الـ26 من كانون الثاني عام 2015.

وهكذا تابعت وحدات حماية الشعب والمرأة تحرير جميع قرى ريف مدينة كوباني تدريجياً وصولاً إلى كري سبي/ تل أبيض الواقعة شرق مدينة كوباني وعين عيسى الواقعة جنوب شرق كوباني وريف ناحية صرين الواقعة جنوب المدينة، ثم بدأ الأهالي يعودون تدريجياً إلى المدينة وريفها وأصبحت الحياة تنبض من جديد في شوارع كوباني وأحيائها وريفها بعد أشهر من التوقف.

إلا أن داعش وبعد الهزائم التي تلقاها الواحدة تلو الأخرى تسلل إلى مدينة كوباني؛ كـ رد فعل على هزائمه في المنطقة، وارتكب مجزرة مروعة بحق المدنيين انتقاماً لهزائمه، ومن خلفه تركيا التي أرادت الانتقام من أهل المنطقة الذين أفشلوا مخططاتها التي أرادت تطبيقها بالتعاون مع داعش ووكلاء آخرين على الجغرافية السورية.

عملية اقتحام المدينة وريفها وارتكاب المجزرة

في الـ25 من حزيران، اقتحم مرتزقة داعش مدينة كوباني وعدداً من القرى التابعة لها حوالي الساعة الرابعة صباحاً؛ مرتكبين مجازر مروعة تفاوتت بين القتل المباشر من خلال قطع الأعناق بآلات حادة والقتل عن قرب بأسلحة نارية، بالإضافة إلى عمليات القنص وعمليات التفجير الانتحارية بحسب ما تم سرده من شهود العيان على الحادثة.

تمكن المرتزقة من السيطرة وارتكاب مجازر مروعة في كل من المناطق التالية: “بالقرب من الفرن الآلي ومبنى مجلس مقاطعة كوباني, على طريق حلب جنوب المدينة, في محيط كازية مصطفى درويش على طريق شيران, شرق المدينة وبالتحديد حيي كانية كردان ومكتلة, وشمال المدينة في حي الجمارك, وفي وسط المدينة بالقرب من ساحة الحرية, وسوق الهال القديم, ثانوية البنين (مشفى مشتنور)، شارع 48, قرية ترميك, قرية برخ باتان الواقعة 27 كيلو متراً جنوب كوباني”.

وبقى عناصر مرتزقة داعش متحصنين في الأحياء التي دخلوها والمدنيون محاصرون ما يقارب ثلاثة أيام, واستطاعت وحدات حماية الشعب والمرأة آنذاك تحرير المدنيين الذين كانوا عالقين وقاموا بنقلهم بسيارات مصفحة وسيارات الإسعاف إلى خارج المدينة وخاصة غابة كوباني حيث نزح المدنيون وإلى قرية مزرعة داوود، كما بقيت مئات الأسر عالقة على الحدود التركية لليلتين على التوالي دون سماح السلطات التركية لهم بالعبور والمئات أيضاً بقوا عالقين غرب مدينة كوباني .

المجزرة ارتقت إلى مستوى الإبادة الجماعية

وقد تم استخدام أبشع أساليب العنف والإجرام بحق الإنسانية والمحرمة دولياً وإنسانياً من قبل داعش كالذبح والحرق والتمثيل بالأجساد البشرية, مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين الأبرياء العزل، حيث وثقت الإدارة الذاتية 233 شخصاً استشهدوا جراء المجزرة، منهم حوالي 27 شهيداً من مجزرة “برخ باتان” أغلبهم أطفال ونساء ومسنون.

وقام المرتزقة بالهجوم على المدنيين في بيوتهم وهم مرتدين زي وحدات حماية الشعب والجيش الحر ودخلوا منازل المدنيين وقاموا بذبح عائلات بشكل كامل وقتل كل من يصادفهم.

وبحسب تقارير عدة من المنظمات الإنسانية فإن المجزرة التي ارتكبها مرتزقة داعش ارتقت إلى مصاف الإبادة الجماعية بحق الكرد على اعتبار أن المدينة هي منطقة كردية، وأن عمليات القتل المتعمد بحق المدنيين العزل إنما كانت موجهة ضدهم بهذه الصفة، كما يتضح من اتساع رقعة الأماكن التي ارتكبت فيها المجزرة والعدد الكبير للشهداء والجرحى من المدنيين.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى